مزيان طارق
عدد المساهمات : 844 وطني : 0 139704 احترام القوانين :
| موضوع: سلسلة البيان لحكم قرآءة القرآن الكريم بالألحان ((2)) الخميس 28 يناير 2010, 15:54 | |
|
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه
و بعد
البيان لحكم قرآءة القرآن الكريم بالألحان ((2))
و قد تجرّد لنقل القرآن الكريم و ضبطه و إحكام تلاوته قومٌ من المسلمين على مرّ العصور , يأخذه الآخرُ عن الأوّل بمنتهى الدقّة و الأمانة , حتّى يؤدّيه لمن بعده من أجيال المسلمين , و عُرف هؤلاء القوم في كلّ الأعصار و الأمصار ب " القرّاء "
فالقرّاء هم قوم ٌ وهبوا حياتهم لكتاب ربّهم , تلقّوه حرفا حرفا مع الضبط التام من شيوخهم , و أدّوه بمنتهى الأمانة إلى تلاميذهم .
هم قومٌ يقرؤون القرآن الكريم تارة بشجىً , و تارةً بطرب , و مرّة بتحزين , و مرّة بشوق , و فينة ً برهبة ,و حينا ً برغبة , يُحسنون أصواتهم ما استطاعوا بتلاوة كتاب ربّهم من غير أن يستعملوا تلك الإيقاعات المستفادة من علم الموسيقى , لأن القرآن أجلّ من ذلك و أعظم ,, فللقرآن الكريم موسيقاه الخاصّة التي لا يشاركه فيها كلام , و هي ناشئة من المدود في أماكنها , و من الغنن في الميمات و النونات , و من إعطاء الحروف حقّها و مستحقّها من المخارج و الصفات , لا سيمّا الشدّة و الرخاوة و البينية و الهمس و الجهر و القلقلة و الصفير و التفشّي , و التفخيم و الترقيق .
و لكن ظهر - على مرّ العصور - أقوام أبوا إلّا أن يقرؤوا كتاب الله - تعالى - بالألحان الموسيقية المخترعة المبتدعة , متنكّبين في ذلك جادّة الصواب , مُخالفين للنقل المتواتر لكتاب الله تعالى , كلّ ذلك من أجل أن يستميلوا قلوب العوامّ و يُطربوهم و و ينالوا منهم المال و الجاه , فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير
و رحم الله أبا مزاحم الخاقاني (ت325هـ) حيث قال :
أيا قارئ القرآن أحسن أداءه يُضاعف لك اللهُ الجزيل َ من الأجر
فما كلُّ من يتلو الكتابَ يُقيمه و ما كلُّ من في الناس يُقرئهم مُقري
و إنّ لنا أخذ القرآءة سنّـــــة عن الأوليّن المقرئين ذَوي الـــسَّتر
و يقول الإمام الشاطبي - رحمه الله - (ت590 هـ) في وصف القرّاء السبعة و رواتهم :
تخيَّرهم على نُقّادهم كلّ بارع و ليس على قرآنه متآكلا
و لمّا ظهرت في عصرنا المخترعات الحديثة , و منها آلات تسجيل الصوت و الصورة , صار النّاس يُسجّلون على تلك الآلات كلّ شيء , و من ذلك القرآن الكريم , بأصوات قرّاء كثيرين جدّاً , منهم المُتقن , و منهم نصف المُتقن , و منهم من لا إتقان عنده , وأغلب هؤلاء يراعون الأنغام الموسيقيّة - كما أسلفنا - حتّى صار العوامّ الذين ما شمّوا رائحة علم التجويد و القرآءة يقولون :
إنّ قراءة فلان ممتازة ,, و قراءة فلان رائعة , و أنا أحبّ تلاوة فلان , و هلّم من تلك العبارات الجوفاء التي لا مقياس تحتها إلّا التطريب , و رفع الصوت و خفضه , و القراءة بنغم النهاوند و الصّبا و السيكاه و الجهاركاه و العجم و الرّصد , و ما إلى ذلك من أنغام عجميّة فصِرتَ تسمعُ في بعض الأشرطة المسجّلة لواحد من هؤلاء المُغنّين بالقرآن و هو يقرأ قول الله تعالى
{{ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ }} (آل عمران -181)
بالتطريب و التنغيم ,, فيجيبه السامعون حوله من العوامّ :
" الله , الله "
ممدودة بها أصواتهم
" صلّوا على النبّي"
و هذه أعمال قوم هزّهم الطرب ,و و الله لو تأمّلوا معنى هذه الآية الكريمة لأخذهم الوجل و لاعتراهم الخوف , و لسالت منهم الدموع فَرقَاً من عذاب الحريق .
و هكذا تفشّى هذا الأمر في مجتمعنا الإسلاميّ حتّى صار كثير من عوام المسلمين إذا سمعوا أن فُلاناً " قارئ" أو "مُقرئ"
توهّموا أنّه يقرأ في المآتم و التعازي و يأخذ على ذلك المبالغ الطائلة .
و إذا كنت في مجلس و قيل : سيقرأ علينا القارئ فُلانا عشرا من كتاب الله ,
انصرفت أذهان النّاس إلى أنّه سيجلس هذا الإنسان الآن , و يضع كفّيه على أُذنيه و يبدأ بالقرار و يُثنّي بالجواب , إلى غير ذلك من قواعد علم الموسيقى , و سوف يتمايل يمنة و يسرة بين كل مقطع و الذي يليه , و سوف يحمرّ وجهه و تبرز عيناه و تنفتخ أوداجه و يتفصّد عرَقا من شدّة التكلّف في القرآءة .
و هكذا تحرّف مصطلح " القرّاء" و صار يُطلق على غير أهله ,
أمّا أهله الذي هم أحقّ به , فهم أهل الأسانيد و الإتقان الذين
{{ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }} (الأحزاب - 23)
فإعادة ً للحقّ إلى نصابه , و دفاعا عن القرآن و قرّائه رأيتُ من واجبي أن أجمع هذه الورقات من فتاوى العلماء قديما و حديثا في موضوع " قراءة القرآن الكريم بالأنغام و الألحان المُستفادة من علم الموسيقى" ليكون المسلم على بصيرة من أمره فلا يأخذ إلّا بما ثبَت في ديننا , و لا يعتمد إلّا على نقل الأئمّة القرّاء من علمائنا راجيا من الله سبحانه الإخلاص و القبول
و رتّبت هذا البحث على مقدّمة و مقصد و خاتمة
فالمُقدّمة : في معنى اللحن لغة ً
و المقصد : في عرض فتاوى بعض الفقهاء - على اختلاف مذاهبهم الفقهية - في مسألة القرآن الكريم بالألحان
و الخاتمة : في استفتاءات وجّهتها إلى عدد من الأئمّة القرّاء في عصرنا الحاضر مع بيان ما أجابوا به
و إنّي لأشكر لفضيلتهم حُسن تجاوبهم في الإجابة على ما وُجّه إليهم من استفتاء , تأييدا للحقّ و نصرةً لكتاب الله ,
كما لا يفوتني أن أشكر سماحة الشيخ / عبد العزيز ابن باز - حفظه الله - الذي تكرّم بالإطّلاع على أصل هذه الرسالة , و تفضّل مشكورا بتقريظها و تأييد ما فيها , فجزاه الله تعالى عن القرآن و أهله كلّ خير
نسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا ًهداةً مهتدين , غير ضالّين , و لا مضلّين, و صلّى الله على سيّدنا و نبيّنا محمد و على آله و صحبه و سلّم,
و الحمد لله ربّ العالمين
جدّة - 10 شعبان 1410 هـ
خادم القرآن الكريم
أيمن رشدي سويد
---
يتبع بإذن الله | |
|
Σ§ÀM
مشرف على منتديات الاسلامية
عدد المساهمات : 77 وطني : 3 54090 احترام القوانين :
| موضوع: رد: سلسلة البيان لحكم قرآءة القرآن الكريم بالألحان ((2)) الأحد 31 يناير 2010, 07:08 | |
| والله احلى منتدى Very Happy | |
|