عيون لا تنام

تقديم:
من منا لم يتعرض في حياته لموقف أحس فيه بالذل والهوان ينزل عليه بلا سبب
ولا جريرة، أو بظلم شديد يمارس عليه، أو بمصيبة لا يد له فيها؟
من منا لا يسترجع مواقف مثل هذه حدثت له في فترات الطفولة والشباب؟
أنا متأكدة بأن كل واحد منا دون في سجل ذكرياته حادثا ظل دون غيره لا ينسى،
ظل راسخا بالذهن بعد أن انمحت كل الذكريات.
بصفتي طبيبا نفسانيا بإحدى العيادلت، فأنا على يقين بأن لمثل هذه الأحداث
امتداد في ذاكرة صاحبها تترجم على شكل حساسيات معينة تؤثر على بنائه النفسي
وقد يرافقه مدى الحياة.
صادفت خلال مسيرتي العملية التي دامت حوالي 25 سنة حالات شتى، منها ما كانت
غامضة، ومنها ما كانت مؤثرة ومستعصية.
أصحاب هذه الحالات عاشوا وعايشوا لحظات زقفوا أمامها جسدا لا روحا مشدوهين
من شدة الخوف والفزع الذي انتباهم. آنذاك، حين ينشأ معهم هذا الشعور ينشأ
معه مجال خصب لكل الأفكار السوداوية التي قد تخطر بالبال، والتي تتزايد
لشدة وقوة الحدث، فيصابون بحالات نفسية تتطلب العلاج.
ساعتها فقط، يأتي دورنا لمد يد المساعدة إليهم والوقوف إلى جانبهم لنبدد
هذه المخاوف ونزيلها عن عقولهم ونحل محلها الفرح والهناء. حينئذ، سنكون
بلسما لجراحاتهم التي تكدر عليهم صفو حياتهم، زسنساهم بطريقة أو بأخرى في
سلامتهم من خطر أكيد قد يؤذيهم صحيا واجتماعيا ويحطمهم نفسيا.
سأترك لكم الفرصة لتفكروا بروية قبل ان تتخذوا أية خطوة طائشة تئدي بكم إلى
ندم يلاحقكم طوال حياتكم.
وهذه حالات أقدمها على شكل شهادات تمثل مواقف صعبة مر بها أناس حقيقيون،
هناك من استطاع تجاوزها وهناك من لم يستطع، وبعدها أترك لكم فرصة التفكير
بروية وبالتزام.