عدد المساهمات : 844وطني : 0 139194احترام القوانين :
موضوع: فِي رِحَابِ الله (1) الثلاثاء 09 فبراير 2010, 14:47
فِي رِحَابِ الله (1)
لبست عباءتها أغلقت بابا منزلها، لقد اعتادت أن تذهب الى ذلك المكان تُصلي فيه صلاتها وتسترخي في ساحته بعد صلاة العشاء تتأمل نجوم السماء وتشكي الى الله في صمت.. كانت الهموم مثقلة على كاهلها والمنزل بعيد عن مرادها لكنها بلا وعي سَرت على قدميها والشمس حارقة ، وبعبائتها السوداء التي تزيد من حرارة الشمس سَرت حتى وجدت نفسها أمام باب شاهق وصوت آذان المغرب يخرج من المآذن بصوت تحن له النفوس جميعا... كان الحرم او مايسمى دوما المسجد النبوي مليئا بالمعتمرين والحجاج.. كان المنظر رائعا أراح قلبها وهدَّأ نفسها وجلست تُناجي ربها.. المصلون يصلون ويرفعون كفوفهم إلى رب السماء يدعون ، تلك المناظر تريح النفس حقاً.. شربت من ماء زمزم المبارك،غسلت به يديها ومسحت به وجهها ورأسها ، أحست بانتعاش الماء وببركة الماء...
بعد انتهاء الصلاة وانصراف الزوار جميعا ما بقي إلا المنظفين والقائمين على أمان الحرم، خرجت من ذلك الباب إلى ساحة الحرم الواسعة، وقفت تتفقد الأرجاء واتجهت إلى اقرب بقَّاله تشتري منها ما يسد جوعها، ورجعت من جديد إلى ساحة الحرم، جلست واتكأت على جدار يفصل بينها وبين ساحة الرجال، اتكأت وهي تتأمل إلى السماء امتلأت عيونها دموعا، أحست بروحانية عظيمة وطمأنينة كبيرة وأرادت البكاء بصوت عالي، اكتفت بالبكاء بصمت وأخذت تشرب اللبن وقطع من الكعك، أعادت بصرها إلى السماء تنظر وتمتلئ عيناها بالدموع من جديد، تذكرت عظمة الخالق تعالى تذكرت أن الله جبار يجبُر قلوب المنكسرين وجلست تتذكر حكمة الله في أنبيائه في حرفة الرعي حتى يُتاح لهم التأمل.. سُبحان الله.. تساءلت عن الناس الذين يُهاجرون بعيدا عن أوطانهم ويأتون هنا من أجل هذا المشهد، تماماً كحالها الآن.. تذكرت حين كانت صغيرة كم ضاعت في هذه الساحة مرارا وتكرار وتعتني بها رحمة الله دوماً حتى تجدها والدتها.. سنوات مَضت.. جلست تبكي من جديد حتى اتصل عليها زوجها.. يتساءل عن مكانها؟؟ وتبتسم بسخرية قائلة: أينَ سَأكُون في غير رحاب الله!!.. إلى مَن ألتجئ لغير الله؟؟...