مزيان طارق
عدد المساهمات : 844 وطني : 0 139724 احترام القوانين :
| موضوع: تأمُلآت فِى مَظآهِر العِفة الخميس 28 يناير 2010, 15:59 | |
|
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم ..
[b]
[size=25]تأملات
فى مظاهر العفة
[b][size=16][size=21]
[size=16][ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) ]
سورة القصص (قصة المرأتين مع موسى عليه السلام)
قال السعدى :
[ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ ] أي: قاصدا بوجهه مدين، وهو جنوبي فلسطين، حيث لا ملك لفرعون، [ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ] أي: وسط الطريق المختصر، الموصل إليها بسهولة ورفق، فهداه اللّه سواء السبيل، فوصل إلى مدين.
[ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ] مواشيهم، وكانوا أهل ماشية كثيرة [ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ ] أي: دون تلك الأمة ] امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ ] غنمهما عن حياض الناس، لعجزهما عن مزاحمة الرجال وبخلهم، وعدم مروءتهم عن السقي لهما.
[ قَالَ ] لهما موسى [ مَا خَطْبُكُمَا ] أي: ما شأنكما بهذه الحالة، [ قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ] أي: قد جرت العادة أنه لا يحصل لنا سقي حتى يصدر الرعاء مواشيهم، فإذا خلا لنا الجو سقينا، [ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ] أي: لا قوة له على السقي، فليس فينا قوة، نقتدر بها، ولا لنا رجال يزاحمون الرعاء.
فرق لهما موسى عليه السلام ورحمهما [ فَسَقَى لَهُمَا ] غير طالب منهما الأجرة، ولا له قصد غير وجه اللّه تعالى، فلما سقى لهما، وكان ذلك وقت شدة حر، وسط النهار، بدليل قوله: [ ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ ] مستريحا لذلك الظلال بعد التعب.
[ فَقَالَ ] في تلك الحالة، مسترزقا ربه [ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ] أي: إني مفتقر للخير الذي تسوقه إليَّ وتيسره لي. وهذا سؤال منه بحاله، والسؤال بالحال أبلغ من السؤال بلسان المقال، فلم يزل في هذه الحالة داعيا ربه متملقا. وأما المرأتان، فذهبتا إلى أبيهما، وأخبرتاه بما جرى.
فأرسل أبوهما إحداهما إلى موسى، فجاءته [ تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ] وهذا يدل على كرم عنصرها، وخلقها الحسن، فإن الحياء من الأخلاق الفاضلة، وخصوصا في النساء.
ويدل على أن موسى عليه السلام، لم يكن فيما فعله من السقي بمنزلة الأجير والخادم الذي لا يستحى منه عادة، وإنما هو عزيز النفس، رأت من حسن خلقه ومكارم أخلاقه، ما أوجب لها الحياء منه، فـ [ قَالَتْ ] له: [ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ] أي: لا لِيمُنَّ عليك، بل أنت الذي ابتدأتنا بالإحسان، وإنما قصده أن يكافئك على إحسانك، فأجابها موسى.
[ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ ] من ابتداء السبب الموجب لهربه، إلى أن وصل إليه [ قَالَ ] مسكنا روعه، جابرا قلبه: [ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ] أي: ليذهب خوفك وروعك، فإن اللّه نجاك منهم، حيث وصلت إلى هذا المحل، الذي ليس لهم عليه سلطان.
[ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا ] أي: إحدى ابنتيه [ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ] أي: اجعله أجيرا عندك، يرعى الغنم ويسقيها، [ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ ] أي: إن موسى أولى من استؤجر، فإنه جمع القوة والأمانة، وخير أجير استؤجر، من جمعهما، أي: القوة والقدرة على ما استؤجر عليه، والأمانة فيه بعدم الخيانة، وهذان الوصفان، ينبغي اعتبارهما في كل من يتولى للإنسان عملا بإجارة أو غيرها.
فإن الخلل لا يكون إلا بفقدهما أو فقد إحداهما، وأما باجتماعهما، فإن العمل يتم ويكمل، وإنما قالت ذلك، لأنها شاهدت من قوة موسى عند السقي لهما ونشاطه، ما عرفت به قوته، وشاهدت من أمانته وديانته، وأنه رحمهما في حالة لا يرجى نفعهما، وإنما قصده [بذلك] وجه اللّه تعالى.
تأملات في مظاهر العفة
التي وردت في قصة المرأتين مع موسى - عليه السلام - أذكرها على ما يلي : [size=25](1)
أن المرأتين وقفتا بعيداً عن الرجال ، ولذلك قال الله تعالى : [ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ ] (القصص: من الآية23). (2)
أنهما حرصتا كل الحرص على قطع أي سبب يؤدي لاختلاطهما بالرجال ، ولذلك كانتا [ تَذُودَانِ ] غنمهما؛ لئلا تختلط بغنم القوم . (3)
من مظاهر العفة كذلك ، اختصارهما الكلام وعدم تطويله مع الرجل الأجنبي موسى - عليه السلام - حيث قالتا: [ لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ] (القصص: من الآية23)، بدون أخذ وعطاء، وزيادة ورد. (4)
من عفتهما عدم فتحهما الحوار مع موسى - عليه السلام -؛ لأنه أجنبي عنهما ، حيث جمعتا في كلامهما الجواب على جميع الأسئلة المحتملة ، فكان الأصل أن موسى - عليه السلام - يسأل هذه الأسئلة : س1 : لماذا تذودان غنمكما ؟ س2 : لماذا لا تسقيان ؟ س3 : إذن متى تسقيان ؟ س4 : أليس عندكما ولي رجل ؟ س5 : إذن لماذا لا يأتي ويسقي لكما ؟ ولأجل ذلك سيطول الكلام بين المرأتين والرجل الأجنبي ، فجمعتا في كلامهما الإجابة على جميع الأسئلة المحتملة ، بجملة واحدة مختصرة عفيفة . (5)
عفة موسى - عليه السلام - أكمل من عفتهما ، فإذا كانت عفة المرأتين تمثلت في جملة واحدة ، فإن عفة موسى تمثلت في كلمة واحدة [ مَا خَطْبُكُمَا ] ثم لم يذكر الله عنه بعد ذلك مع المرأتين ولا كلمة واحدة إلى أن تم لقاءه بأبيهما ففتح الكلام على مصراعيه [ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ ] . (6)
عفة موسى – عليه السلام - كذلك ظهرت في قيامه بالسقي لهما بدون سؤال : هل تريدان ذلك أم لا؟ فالوضع وظاهر الحال لا يحتاج إلى سؤال ، ثم السؤال يحتاج إلى كلام وجواب ، وهذا مالا يريده موسى - عليه السلام -، فقام وسقى لهما. (7)
كذلك أنه لما سقى لهما توجه مباشرة إلى الظل ، ولم ينتظر شكراً منهما ، وهذه فرصة لمرضى القلوب أن يزداد مرضهم ،وتبادلوا أطراف الحديث ، وكلمات الشكر والعرفان ، فقد صنع لهن معروفاً وبدون طلب منهما ، ووقف معهن ، وسقى لهن . (
حرص المرأتين على عدم الاختلاط بالرجال ، مع وجود المبررات التي نسمعها اليوم ، مثل : أ ـ حاجتهما إلى الخروج . ب ـ عدم وجود رجل ذكر قادر يخرج معهن . ج ـ الناس عند البئر كثير ، فلا خلوة . د ـ ظروف الحياة . هـ ـ سيؤدي انتظارهما إلى تأخرهما . والغريب أنه ومع كل هذه الأسباب إلا أنهما لم تختلطا بالرجال ، فكيف ببعض الظروف اليوم التي هي أقل من ذلك بكثير؟ لكنها العفة . (9)
من عفة المرأتين تقديمهما النفي في كلامهما ، فقالتا: [ لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ] ، ولم تقدما الإثبات ، فلم تقولا: "سنسقي بعد قليل"، وتقديم النفي أبلغ في الجزم، وأن الأمر لا يقبل النقاش. وفى ظلال القرآن فسر على أنه الضعف منهما وأن أبوهما شيخ كبير لا يقدر على الرعى ومجالدة الرجال .وتقدم موسى كان لتلبية دواعى المروءة والنجدة والمعروف . (10)
من عفة المرأتين أنهما جعلتا غاية وقوفهما وعدم اختلاطهما بالرجال صدور الرعاء، وليس أن تخف الزحمة فحسب أو يقل الرعاء. (11)
من عفة المرأتين أن التي أتت موسى - عليه السلام - اختصرت الكلام معه مرة ثانية فعرفت الأسئلة التي يتضح أن موسى - عليه السلام - سيسألها إياها ، فأعدت الجواب مباشرة حتى لا ينفتح الحوار للمرة الثانية . فشيء بديهي أن موسى – عليه السلام - وبعد رجوع المرأة سيسأل : أ ـ ما الذي أتى بك ؟ ب ـ من أرسلك ؟ ج ـ ماذا يريد ؟ فأعدت جواباً يقطع جميع الأسئلة، فقالت: [ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ] (القصص: من الآية25). [size=16]فشملت هذه الجملة جواب جميع الأسئلة السابقة . (12)[/size]
من مظاهر العفة في هذه القصة مشي إحدى المرأتين بحد ذاته فقد خلا تماماً عن : أ ـ تسكع. ب ـ تبرج . ج ـ تبختر . د ـ تكسر وتثني . هـ ـ التفات . و ـ إغواء . فجمع الله هذه الأشياء بقوله: [ اسْتِحْيَاءٍ ] ( فى ظلال القرآن) لفظ "استحياء" يختلف عن لفظ "حياء"؛ لأنه يحتوي على معنى الحياء وزيادة كما تقتضيه زيادة الألف والسين والتاء في لغة العرب . (13)
أنه لما طلب أبوهما أن يحضر موسى - عليه السلام - ، لم تخرجا جميعاً كما خرجتا في السقي؛ لأن الحاجة لا تستدعي ذلك، وهذا هو تقدير الضرورة بقدرها، فسبحان الله مع العفة فقه. (14)
أن التي أتت موسى - عليه السلام - لم تنسب لنفسها الكلام ، فقالت : [ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ ] ، ولم تأت بلفظ يحتمل معان، أو فيه تعريض بنفسها . (15)
أن جلوسهما خلف الرجال، وعدم اختلاطهما لم يكن في أوقات دون أخرى، بل ذلك عادة مستمرة لهما ، ولذلك قالتا : [ لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ] يعني هذه عادة لنا في الماضي، ونستمر عليها في المستقبل ، كما يقتضيه دلالة الفعل المضارع [ نَسْقِي ] . (16)
أنهما لم يصرحا بموسى، بل أشارتا إليه كل ذلك حياء، فقالت إحداهما: [ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ] (القصص: من الآية26). ولم تقل: إنه قوي أمين فعل كذا وكذا، بل جاءت بصفات الأجير الناجح، وهو من جمع بين "القوة والأمانة " . ولا عجب فمع العفة في عدم المخالطة واختصار الكلام، هناك حياء حتى في الألفاظ، والعناية بها. قال المفسرون : أن الرعاء كانوا إذا فرغوا من وردهم وضعوا على فم البئر صخرة عظيمة ..قال أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه : لا يرفعها إلا عشرة وفى ذلك اليوم رفعها موسى عليه السلام وحده ولذلك قيل [ الْقَوِيُّ] .( قصص الأنبياء ) (17)
قال عمر - رضي الله عنه -: "جاءت تمشي على استحياء قائلة بثوبها على وجهها ليست بسلفع من النساء ولاجة خراجة " قال ابن كثير: "إسناده صحيح". (18)
قيل في سبب قول المرأتين عن موسى : [ الْأَمِينُ ] : لأنه قال لهما وهما آتيتان إلى أبيهما : "كونا ورائي فإذا اختلفت علي الطريق فاحذفا لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق" .( قصص الأنبياء) ابن كثير فأي عفة فوق هذه العفة التي تمنع حتى إرشاده إذا ضل الطريق باللسان ، فصلى الله عليه وعلى رسولنا الكريم. (19)
لما كان موسى مع المرأتين في البداية، ثم مع إحداهما بعد ذلك كانت كلماته مختصرة جداً ، فلما التقى الرجل بالرجل، موسى بأبيهما، لم يقتصر على جملة واحدة أو قصة ، بل [ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ] (القصص: من الآية25).
والله أكبر وأعلم وأحكم
وصلى الله عليه وسلم
وصلى الله على نبينا محمد
عليه أفضل صلاة وأزكى سلام .
تفسير السعدى
قصص الأنبياء ابن كثير
فى ظلال القرآن سيد قطب
مقالة/[b] عقيل بن سالم الشمري[/size][/size][/size][/size][/b][/size][/b][/b] | |
|
Σ§ÀM
مشرف على منتديات الاسلامية
عدد المساهمات : 77 وطني : 3 54110 احترام القوانين :
| موضوع: رد: تأمُلآت فِى مَظآهِر العِفة الأحد 31 يناير 2010, 07:06 | |
| والله احلى منتدى Very Happy | |
|